اضحك… فالحياة لا تحتمل الجدية!

/بقلم ريما فارس/
كلما ازداد وعي الإنسان بالحياة، اكتشف أنّها أشبه بمسرحية عبثية طويلة، يتشاجر فيها الجميع على تفاصيل لا قيمة لها، ثم يسدل الستار ولا يخرج أحد فائزًا.
الدنيا حولنا تضجّ بالصراعات: سياسة، اقتصاد، حروب كلامية على الشاشات، وسباق محموم على “الترند” في وسائل التواصل. وفي النهاية؟ كلنا نغادر المسرح فارغَي الأيدي. حتى المتنبي أدرك هذه الحقيقة حين قال:
“وَهَانَ فَما أُبالي بِالرَزايا … لأني ما انتفعتُ بأن أبالي”
وكأنه يهمس لنا: لا تُرهق قلبك بما لن يتغيّر.
زياد رحباني أدرك اللعبة باكرًا، فرسم على باب غرفته صورة رجل في الحمّام وكتب: “ممنوع الدخول… الحالة صعبة”. لم يكن يصف حالته فقط، بل حالنا جميعًا.
أما نجيب محفوظ، فاختار أن يواجه الواقع بابتسامة ساخرة، وعندما سألوه عن أجمل أغنية في زمنه قال: “أنا الميلامين… أنا جامد ومتين”. لم يكن يقصد الأطباق بقدر ما كان يقصدنا نحن: صلبون في الظاهر، هشّون في الجوهر.
وحين سُئل في عيد ميلاده الثالث والتسعين عن الحل لنهضة مصر، أجاب بلا مواربة:
“أتظنون أنني أعرف كل هذا وأخفيه؟”
إنه الجواب الذي يلخّص فلسفة السخرية: نحن نضحك لأنّ لا شيء يستحق البكاء الطويل.
محمود درويش لخّص المعادلة في بيت شعري خالد:
“اجعليني شهيد الدفاع عن الحب والعشب والسخرية”
فالسخرية، في النهاية، ليست هروبًا من الواقع، بل هي أعلى درجات الوعي به.
لذا، كلما رأيت من حولك يتشنّجون دفاعًا عن حدث عابر أو معركة وهمية، همس لنفسك:
“اهدأ… فلن نأخذ من هذه الحياة شيئًا.”
الحياة مسرحية طويلة بلا جمهور، والمفارقة أننا ندفع ثمن التذاكر قبل أن نولد… فهل يستحق كل هذا العبث أن نأخذه على محمل الجد؟




