مجتمع

النصر إما الشهادة

ريما فارس/موقع الأمة/

لم تعد الأيام تقلقنا، ولم تعد الحياة تثير فينا سوى الشوق للمضي على طريق القدس. فحين نصل إلى القمة، نفهم أن المسافة بيننا وبين الشهادة ليست إلا خطوة تُدرك بالثبات على الحق؛ فالنصر لم يعد مجرد احتمال، بل يقين يتقدم نحوه أولئك الذين يحملون نفوسًا لا ترتضي الهوان. لم نعد نطلب من الحياة أكثر من دماء تُسكَب في سبيلها، دماء تنبت على أرض الواقع قيمةً تدوم وتترك أثرًا خالدًا، فنطبق مقولة “يا ليتنا كنا معك يا حسين” لا شوقًا لماضٍ بعيد، بل لأن القضية التي عاش من أجلها ما زالت حيةً في أرواحنا وقلوبنا.

كربلاء لم تعد مجرد معركة في الزمان والمكان، بل عقيدة تسري في كل من يتجذر فيه اليقين، ويمضي في طريق الحرية والشجاعة كطريق لا رجوع فيه. واقعنا اليوم يجسد آلام عاشوراء، حيث ترتكب المجازر، وتسقط العائلات، ويخرج من بقي منهم ليقول: “لبيك يا نصر الله”. لقد أبهَرنا العالم بثباتنا، فنحزن ونتألم، لكن ندرك في ذات الوقت أن كل قطرة دم تسقط هي تحدٍ لكل ظلم واستبداد، وتجسيد للوقعة في أبهى صور التمرد على الجور.

في سبيل الحق، أصبحت التضحية هي الطريق الذي يمضي فيه الرجال والنساء والأطفال في لبنان وغزة حياتهم حتى النهاية، موقنين بأن انتصار الدم على السيف ليس فقط درسًا من الماضي، بل حقيقةً تتكرر ما دامت هناك نفوس تشتاق إلى العدالة. وإن كنا نعيش في عالم لا نلمس فيه كربلاء بأيدينا، إلا أننا نعيشها بكل ما فيها من معانٍ وعمق، نحمل قيمها، ونتمسك بما زرعته فينا من ثبات وصبر وشجاعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى