دين

بين اللذة والغاية

الحياة ثنائية تتأرجح بين حب الدنيا والسعي نحو الأهداف الروحية. حب الحياة شعور فطري يتواجد في أعماق كل إنسان، لكنه يتخذ أشكالًا متنوعة تعتمد على نظرة الإنسان للحياة ومعناها. هناك من يعتبر الحياة ميدانًا للمتع الحسية، فيسعون وراء الرغبات المادية والشهوات الدنيوية. بالنسبة لهم، الحياة تقتصر على الاستمتاع اللحظي، دون الالتفات إلى ما وراء هذه الملذات الزائلة. الله سبحانه وتعالى يصف هؤلاء في القرآن الكريم: “يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ” (سورة الروم: 7).

على الجانب الآخر، هناك من ينظر إلى الحياة بنظرة روحية، حيث يعتنقون رؤية أعمق وأشمل. بالنسبة لهؤلاء، الحياة ليست مجرد وقت للتمتع، بل هي فرصة لتحقيق الأهداف الروحية والإنسانية. هم يدركون أن الدنيا مزرعة للآخرة، وأن السعي نحو الخير والحق هو الهدف الأسمى. يقول الله تعالى: “وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۖ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (سورة العنكبوت: 64).

حب الدنيا ليس أمرًا سلبيًا بحد ذاته؛ الأهم هو توجيه هذا الحب. الفرق بين من ينغمس في الشهوات وبين من يسعى لتحقيق غايات أسمى هو الفرق بين حياة دنيوية زائلة وحياة روحانية راقية تهدف إلى الخلود. فالإنسان الذي ينظر إلى الدنيا على أنها وسيلة لتحقيق غايات نبيلة، يجسد حياة ذات معنى تتجاوز المتع الوقتية وتستشرف الأبدية.

ريما فارس

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى